معجزات الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ في غزوة الأحزاب
جرى
الله ـ تبارك وتعالى ـ على يدي أنبيائه ورسله من المعجزات والدلائل
الباهرات ما يدل على صدق دعواهم، فلا يبقى لأحد عذر في عدم تصديقهم
وطاعتهم، قال الله تعالى: { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ } (الحديد: من الآية25) ..
وكان
رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أكثر الرسل معجزة، وأظهرهم آية، فله من
المعجزات التي وقعت وتكررت في أماكن مختلفة وأحداث متعددة ما لا يُحد ولا
يُعد، منها ما حدث في غزوة الأحزاب(الخندق)، من تكثير الطعام والشراب
القليل، حتى أكل ألف رجل من شاة صغيرة وصاع شعير..
فعن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال: (
لما حُفِر الخندق رأيت بالنبي – صلى الله عليه وسلم – خَمْصا(جوعا) شديدا،
فانكفأت (رجعت) إلى امرأتي، فقلت: هل عندك شيء؟، فإني رأيت برسول الله –
صلى الله عليه وسلم - خمصا شديدا، فأخرجت إلي جرابا فيه صاع من شعير ولنا
بهيمة داجن (شاة في البيت) فذبحتها، وطحنت الشعير، ففرغت إلى فراغي
وقطعتها في بُرْمتها، ثم وليت إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ،
فقالت: لا تفضحني برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم - وبمن معه . فجئته
فساررته، فقلت: يا رسول الله ذبحنا بهيمة لنا، وطحنا صاعا من شعير كان
عندنا، فتعال أنت ونفر معك، فصاح النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال: يا
أهل الخندق! إن جابراً قد صنع لكم
سؤرا(بقية طعام) فَحَيْهلا بكم، وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
لا تُنْزِلَنَّ بُرْمَتكُم (قِدْركم)، ولا تخبزن عجينتكم حتى أجيء، فجئت
وجاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَقْدم الناس حتى جئت امرأتي،
فقالت: بك وبك (أي ذمَّته)، فقلت: قد فعلت الذي قلتِ لي.. فأخرجت له
عجينتنا فبصق فيه وبارك، ثم عمد إلى برمتنا فبصق فيها وبارك، ثم قال: ادعي
خابزة فلتخبز معك، واقدحي (اغرفي) من برمتكم ولا تنزلوها، وهم ألف.. فأقسم
بالله لقد أكلوا حتى تركوه وانحرفوا (شبعوا وانصرفوا) وإن برمتنا لتغط كما
هي، وإن عجيننا ليخبز كما هو ) ( البخاري )